
ومنذ بدء الإبادة الجماعية المستمرة للإيزيديين في شنگال، دمَّر تنظيم الدولة الإسلامية أبراجًا ومعابد مقدسة. وتعتبر المواقع المقدسة وأماكن الحج في مناطق إقامة الإيزيديين كشاهد على تاريخهم وهويتهم وعقيدتهم. فهي أماكن روحية يتجمع فيها أفراد المجموعة، ويأتي إليها الناس مرة واحدة على الأقل في السنة للاحتفال والحج، وكذلك لزيارتها بين حين وآخر. ويأتي إلى تلك الأماكن غالبًا المرضى أو من لديهم أمنيات يرغبون في تحقيقها. وتُعد معظم المزارات والمعابد أماكن لتكريم رموز تاريخية قاموا بأعمال مهمة، مثل حماية تلك الأماكن من الإبادات الجماعية أو رعايتهم الدينية لها. ونظرًا لنقل تعاليم الدين شفويًّا، فإن المعابد تُعد دليلاً تاريخيًا يشهد على أصل المجموعة. فبعد الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية وتوافد الناس مرة أخرى إلى شنگال، بدأ العمل على إعادة بناء وافتتاح بعض المعابد.
— المصدر: أحد الناجين الإيزیديين يتحدث عن معبد مهما ريشا. من: ذكريات بناء الأمل، نساء من أجل العدال 2020، صفحة 10.
على الرغم من أن قضاء شنگال كان بعد سقوط صدام حسين تابع إداريًا للحكومة المركزية في بغداد، فإن الحكومة الإقليمية الكردية كانت تسيطر فعليًا على القضاء، بما في ذلك نشر وحداتها المسلحة (البيشمركة)، التي انضم إليها بعض الإیزیدیین. تقع شنگال ضمن الفقرة رقم 140 من الدستور العراقي، و التي اعتبارها من “المناطق المُتنازع عليها” تستطيع تحديد انتمائها الإداري إلى بغداد أو كردستان من خلال الاستفتاء.
و نظرًا إلى خطورة تهديد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)الواضح، التي كانت قد تقدَّمت بالفعل نحو المُوصل وتلعفر، أقام الإیزیدیون حول قُرى قضاء شنگال قبيل 3 أغسطس/ آب 2014 بأسابيع سواتر ترابية وحفر خنادق. ونظموا مناوبات حراسة بالأسلحة الخفيفة على مدار 24 ساعة. ومع بدء الهجمات على جنوب شنگال في الصباح الباكر من 3 أغسطس/ آب 2014، قاتل الرجال الإیزیدیون في خنادق منطقة گرزرك وسیپا شيخ خدر ضد داعش حتى السابعة صباحًا تقريبًا، حتى نفدت ذخائرهم. وفي الصباح الباكر انسحبت قوات البيشمركة المتمركزة في شنگال إلى كردستا بدون مقاومة.
وانضم أيضًا إیزیدیون يعيشون في ألمانيا إلى الوحدات الكردية والإیزیدية للقتال ضد داعش. كان هناك أشخاص آخرون مرتبطون بألمانيا بسبب أفراد عوائلهم، مثل قاسم ششو، الذي انضم هو وابنه من ألمانيا للقتال ضد داعش في شنگال.
في 3 أغسطس/ آب 2014، تمكَّن بعض مقاتلي حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب، ووحدات حماية المرأة في روج آفا (شمال سوريا) من التقدُّم إلى جبال شنگال. قاتلوا وجمعوا حولهم الإيزيديين ممن قاوموا تنظيم الدولة الإسلامية في الجبال، وشكَّلوا فِرقًا موحدة ونسَّقوا فيما بينهم الى جانب وجود تحالفات عائلية إيزيدية مسلَّحة مستقلة. وعن طريق الممر إلى روج آفا الذي أعدَّه التحالف المشترك بين وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة في 10 أغسطس/ آب 2014، تم انقاذ عشرات الآلاف من الإيزيديين المحاصرين من قِبَل داعش. وفي منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2014 تَمَكَّن تنظيم الدولة الإسلامية من التضييق على الإيزيديين حتى وصلوا إلى سفح جبال شنگال. وكانت القرية المحيطة بمعبد شرف الدين هي الوحيدة التي تمكَّنت من الصمود بفضل وحدات حماية شنگال المسلحة ووحدات مقاومة شنگال.
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، قادت قوات البيشمركة هجومًا أدى إلى استعادة أجزاء من مدينة شنگال في ديسمبر/كانون الأول 2014. وفي خريف 2015، بدأ الهجوم الكبير (عملية تحرير شنگال)، إذ احتلت البيشمركة مباني مهمة في مدينة شنگال، في حين قاد حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة معارك قتالية. وشاركت وحدات حماية شنگال المسلَّحة أيضًا في هذا الهجوم. وبسبب الاختلافات الأيدولوجية والسياسية انهار التحالف الإيزيدي الذي تم تدشينه في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، الذي كان يضم وحدات حماية المرأة ووحدات مقاومة شنگال ووحدات حماية شنگال المسلَّحة، وغيرها من الوحدات الإيزيدية المستقلة. وكان استرجاع مدينة شنگال ضربة قاسية لتنظيم الدولة الإسلامية، فقد كانت تقع على الطرق الرئيسية المؤدية إلى عاصمتي تنظيم الدولة في الرقة والموصل.
وفي عام 2017 تغيرت الأوضاع السياسية، فقد أدت جهود الولايات المتحدة لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية إلى عودة القوات الفيدرالية العراقية إلى شنگال، وخصوصًا المجموعات شبه العسكرية الشيعية للحشد الشعبي، الذين استعادوا مدينة الموصل وأبعدوا قوات البيشمركة التابعة للحزب الديموقراطي الكردستاني من شنگال، بعد فشل استفتاء الاستقلال الذي أجرته حكومة إقليم كردستان. ونسق هؤلاء مع وحدات مقاومة شنگال وغيرها من الوحدات الإيزيدية.
منذ عام 2017، تشن تركيا غارات جوية مستمرة على شنگال، مخلفة قتلى ومصابين مدنيين، من بينهم ضحايا من القوات الإيزيدية، تنتج عنها آثار سلبية نفسية واجتماعية. تستهدف تركيا بشكل خاص قادة وحدات مقاومة شنگال ومواقع تمركزهم في شنگال، إذ تتهمهم بانتمائهم إلى حزب العمال الكردستاني في شنگال. وتشمل الأهداف أيضًا قوات الأمن التابعة للإدارة الذاتية (قوات أمن إيزيدخان) أو المباني القريبة والتابعة، مثل إدارة شنگال المحلية المستقلة. انضمت أجزاء من وحدات مقاومة شنگال إلى قوات الحشد الشعبي، ذات التوجه الشيعي في الغالب والمعترف بها من قِبَل الدولة العراقية كجزء من الجيش العراقي النظامي (الفوج 80). وجراء غارة جوية تركية في أغسطس/ آب 2021 دُمرت مستشفى سكينية بالكامل، التي ادت إلى مقتل سبعة أشخاص والحاق الضرر بالمزارع أيضًا.
يتضمن اتفاق إربيل – بغداد الموقَّع في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، استبدال الوحدات الإيزيدية المسلحة بالقوات المسلحة العراقية، مما يؤدي دائمًا إلى توترات واشتباكات بين وحدات مقاومة شنگال والجيش العراقي، إذ لا ترغب الأولى في التخلي عن قواعدها العسكرية.
هذه الاضطرابات المستمرة تجعل الكثيرين في مخيمات اللاجئين في كردستان مترددين في العودة إلى شنگال. ويضطر العديد من الإيزيديين العائدين بالفعل إلى شنگال إلى الهروب مجددًا إلى كردستان، بسبب المعارك والغارات الجوية.
يتم منح المقاتلين و المدنيين الذين سقطوا في المعارك ضد داعش أو بسبب الغارات الجوية التركية من قبل الإيزيديين والأكراد والعرب صفة شهيد. تُعلَّق صورهم وتنصب لهم النصب التذكارية في الأماكن العامة، مثل الطرقات الرئيسية والتقاطعات وأحيانًا داخل المباني. وأنشأت وحدات حماية المرأة ووحدات مقاومة شنگال مقبرة خاصة بها لهؤلاء الشهداء. هناك العديد من الأغاني عن الوحدات والمقاتلين الأيزيديين والكورد والعرب، وقصائد وأغاني عن الشهداء. ويتم تذكر العديد من الشهداء في ذكرى استشهادهم أو في المناسبات.
— مقتطف من قصيدة Hecî Qîranî “شيرى سكينية” في إحياء ذكرى الشيخ خيري.
البيت الثاني مترجم مع محاولة للحفاظ على القافية.